تأجيل ميثاق الحكومة الموازية في السودان.. هل تفكك تحالف الدعم السريع قبل الانطلاقة؟
متابعات - السودان اليوم

متابعات – السودان اليوم – أفادت مصادر متطابقة بأن مراسم التوقيع على الميثاق السياسي للقوى السودانية الداعمة لتشكيل ما يُعرف بـ”الحكومة الموازية”، المدعومة من قوات الدعم السريع، قد تأجلت لأسباب لم يُكشف عنها رسميًا.
وكان من المقرر أن يتم التوقيع خلال مؤتمر يُعقد في العاصمة الكينية نيروبي، وسط مشاركة سياسية ودبلوماسية لافتة، ما جعل التأجيل يثير تساؤلات حول مستقبل هذا الحراك السياسي في ظل الأزمة التي تعصف بالسودان.
في غضون ذلك، وصل رئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر، إلى مقر انعقاد المؤتمر، حيث كان من المتوقع أن يشهد حفل التوقيع على “الميثاق التأسيسي” للتحالف السياسي الداعم لتشكيل الحكومة الموازية.
مشاركة برمة ناصر لفتت الأنظار، خاصة أن حزب الأمة القومي يُعرف بمواقفه الساعية للحفاظ على التوازن السياسي والبحث عن حلول توافقية، بعيدًا عن الانحياز إلى طرف على حساب الآخر في النزاع الدائر.
بالتوازي مع ذلك، أعلن الباشا طبيق، مستشار قائد قوات الدعم السريع، عن انطلاق مؤتمر “تحالف السودان التأسيسي” في نيروبي، مؤكدًا عبر منشور على منصة “إكس” أن المؤتمر سيستمر لمدة يومين، وكان من المنتظر أن يُختتم بالتوقيع على وثيقة الميثاق السياسي لتشكيل الحكومة الموازية.
وأشار طبيق إلى أن الحدث يحظى بمشاركة شعبية واسعة وحضور دبلوماسي من عدة دول، ما يعكس اهتمامًا إقليميًا ودوليًا بما يجري.
غير أن تأجيل التوقيع ألقى بظلال من الشك حول تماسك القوى السياسية المنضوية تحت لواء هذا التحالف، في وقت يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تزيد من تعقيد المشهد السوداني المنقسم أصلًا.
فهناك مخاوف من أن تؤدي فكرة الحكومة الموازية إلى ترسيخ حالة الانقسام السياسي، وربما فتح الباب أمام صراع سلطتين، مما قد يُعمّق الأزمة القائمة. على الجانب الآخر، يرى مؤيدو هذا المشروع أنه يمثل محاولة لتجاوز حالة الفراغ السياسي، وفرض واقع سياسي جديد في المناطق التي باتت خارج سيطرة القوات المسلحة السودانية.
هذه التطورات تتزامن مع استمرار المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، وهي الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين، فضلًا عن انهيار الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في مختلف أنحاء السودان.
وفي ظل هذا الوضع، تسعى بعض القوى المرتبطة بالدعم السريع إلى تقديم نفسها كبديل سياسي يعبر عن المناطق التي تخضع لسيطرتها، وهو ما يُعد تحولًا جديدًا في طبيعة الصراع بين الطرفين.
اختيار العاصمة الكينية نيروبي لاستضافة المؤتمر لم يكن وليد الصدفة، إذ تُعرف كينيا بدورها التقليدي كوسيط في العديد من النزاعات الأفريقية، بما في ذلك الأزمات السودانية.
ويعتقد محللون أن التحالف السياسي الجديد يسعى، من خلال انعقاد مؤتمره هناك، إلى كسب دعم دبلوماسي وإقليمي، وربما البحث عن اعتراف دولي بشرعيته.
ومع ذلك، تظل مواقف القوى الإقليمية والدولية تجاه هذه التحركات متباينة؛ إذ تدعم بعض الدول الجيش السوداني باعتباره المؤسسة النظامية التي يُعوّل عليها في الحفاظ على وحدة البلاد، في حين تُفضل أطراف أخرى التعامل بحذر مع كافة القوى، بما في ذلك قوات الدعم السريع، تفاديًا لمزيد من الانزلاق نحو الفوضى.
في ظل هذه التعقيدات، يبقى مستقبل مشروع الحكومة الموازية غير واضح، إذ يتساءل كثيرون عما إذا كان هذا المسار سيؤدي إلى فرض واقع سياسي جديد على الأرض، أم أنه سيظل مجرد ورقة ضغط ضمن صراع النفوذ المحتدم بين القوى العسكرية والسياسية في السودان.