اخبار

أول تعليق لـ خالد سلك بعد تحرير الخرطوم

متابعات - السودان اليوم

تابعنا على واتساب
إعلان

متابعات – السودان اليوم  –  يؤكد خالد عمر يوسف، المعروف بـ”خالد سلك”، أن بسط القوات المسلحة سيطرتها على الخرطوم يمثل تحولًا كبيرًا في مسار الحرب، حيث نجحت في تعزيز وجودها في شمال ووسط وشرق السودان.

 

إعلان

 

في المقابل، تواصل قوات الدعم السريع إحكام قبضتها على معظم ولايات دارفور وأجزاء من كردفان، بينما تحتفظ الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، وجيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، بنفوذهما في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور.

 

هذه المستجدات تثير تساؤلات حول مدى قرب نهاية الحرب وإمكانية استعادة السلام في السودان.

 

الأولوية القصوى في هذه المرحلة يجب أن تكون وقف نزيف الدم وعودة الحياة إلى طبيعتها، بغض النظر عن الوسائل التي تحقق ذلك.

إعلان

 

فالمأساة التي يعيشها السودان تطغى على أي اعتبارات أخرى، ولا يمكن تبرير استمرار الحرب بأي ذريعة، إذ لا غاية أسمى من وضع حد لهذه الكارثة التي دمرت الأخضر واليابس.

 

تصريحات قادة القوات المسلحة عقب استعادة الخرطوم تؤكد عزمهم على مواصلة القتال، وهو ما يتماشى مع مواقف قادة الدعم السريع الذين يعتبرون ما يحدث جزءًا من طبيعة الحروب التي تتسم بالكر والفر.

 

هذا يعني أن القتال لن يتوقف قريبًا، غير أن المشاهد اليومية للدمار والضحايا تكشف عن الوجه القبيح للحرب، وتؤكد أنها لا تحقق سوى المزيد من الخراب والمعاناة. لذلك، يظل الخيار الأفضل سياسيًا وأخلاقيًا هو الدفع نحو السلام، مهما حاولت بعض الأصوات تبرير استمرار الاقتتال.

 

الحرب المستمرة لا تقدم حلولًا لأزمات السودان المتراكمة، بل تزيدها تعقيدًا، وتفتح الباب أمام مزيد من النزاعات في المستقبل. يرى البعض أن القتال ضروري للحفاظ على كيان الدولة وإنهاء تعدد الجيوش، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فبدلًا من تقليص القوى العسكرية غير النظامية، أدى الصراع إلى توسع قوات الدعم السريع وزيادة تسليحها وتجنيدها.

 

كذلك، أنشأت القوات المسلحة كيانات مسلحة جديدة مثل كتائب البراء والفرقان ودرع السودان، إلى جانب انتشار الأسلحة بين المدنيين والقبائل، مما يزيد من احتمالية اندلاع صراعات مستقبلية. التجربة السودانية تثبت أن كل مجموعة مسلحة نشأت بدعم الدولة تحولت لاحقًا إلى أزمة يصعب احتواؤها، وهو ما تكرر منذ اندلاع أول حرب أهلية عام 1955.

 

أخطر ما يواجه السودان اليوم هو التهديد الذي يطال وحدته الوطنية، فالحرب المستمرة تعمّق الانقسامات الاجتماعية وتغذي خطابات الكراهية، مما قد يؤدي إلى تقسيم فعلي للبلاد. لقد قادت النزاعات الطويلة في جنوب السودان إلى انفصاله، واليوم تتكرر نفس العوامل التي أدت إلى ذلك. ومع اتجاه كل طرف إلى إنشاء هياكل حكم خاصة به في مناطق سيطرته، يزداد خطر تحول السودان إلى كيانات متناحرة يصعب إعادة توحيدها، كما حدث في دول مثل ليبيا وسوريا واليمن والصومال، حيث أصبحت الانقسامات السياسية والعسكرية أمرًا واقعًا.

 

 

يفاقم هذا الوضع التدخل الإقليمي والدولي، حيث تتداخل المصالح الخارجية في الصراع، مما يقلل من قدرة السودانيين على تحديد مستقبل بلادهم بأنفسهم، ويزيد من احتمالات تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ تخضع لقوى خارجية.

 

هذه الحرب ليست مجرد صراع على السلطة بين قائدين عسكريين، بل هي انعكاس لفشل الدولة السودانية في بناء نظام عادل يستوعب جميع مكوناتها، ويمنع اللجوء إلى العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية.

 

لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين إلا من خلال توافق وطني على صيغة حكم جديدة تضمن تمثيل الجميع دون إقصاء أو تمييز. يتطلب ذلك وضع دستور عادل، يؤسس لنظام فيدرالي يمنح الأقاليم صلاحيات واسعة لإدارة شؤونها والاستفادة من مواردها، مع ضمان توزيع عادل للخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. كما ينبغي إنهاء استغلال الهوية الدينية أو العرقية أو الجهوية كوسيلة للهيمنة السياسية.

 

إلى جانب ذلك، لا بد من بناء جيش وطني موحد، بعيد عن السياسة والاقتصاد، ولا يسمح بقيام أي تشكيلات مسلحة موازية، سواء كانت قوات خاصة أو مليشيات. يجب أن يكون السلاح بيد المؤسسة العسكرية الرسمية وحدها، حتى لا تتكرر الكوارث التي خلفتها النزاعات المسلحة.

 

إن استمرار الحرب لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار وإزهاق الأرواح، بينما ينبغي أن تكون الأولوية الآن للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، يمهد لعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم بأمان.

 

 

كما أن السودان يواجه تحديات هائلة تتطلب تضافر الجهود، مثل إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي مزقته الحرب، وإعادة إعمار المناطق المدمرة، وتعويض المتضررين. هذه المهام لا يمكن تحقيقها إلا من خلال حل سياسي دائم وشامل، ينهي دوامة العنف، ويفتح صفحة جديدة تُكتب بمداد السلام والعدالة والاستقرار.

تابعنا على واتساب
إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى