
🔹في عالم كرة القدم حين تختلط الأحلام بالعزيمة ويشتبك الطموح بالتخطيط تولد اللحظات التي تحفر في ذاكرة الشعوب لا كأهداف فقط بل كدروس و ما بين الدامر الهادئة وبين الرياض المزدهرة كتبت في ليلة البارحة صفحتان ناصعتان في كتاب المجد الكروي
فالسهم الدامر يشق طريقه ببسالة إلى الدوري السوداني الممتاز والهلال السعودي يتجاوز كل الحواجز ليبلغ ربع نهائي كأس العالم للأندية…..
🔹احبتي ليس هذا مقالا رياضيا اعتياديا يحتفي بالأرقام بل هو قراءة في مشهدين متباعدين جغرافيا ومتقاربين فكريا يجمعهما خيط رفيع ولكنه متين وهو الإيمان بالفكرةوالرهان على الإنسان…..
🔹في مدينة الدامر حاضرة ولاية نهر النيل التي ما زالت تعانق النيل وتستمد منه صبرها وكرامتها فاجأ فريق السهم الجميع وصعد بثبات وبجدارة إلى الدوري الممتاز ليكتب واحدة من أجمل القصص في تاريخ الكرة السودانية الحديثة…
🔹تأهل السهم لم يكن مجرد عبور تقني عبر جدول مباريات بل كان مغامرة محسوبة قادها رجال يؤمنون بالمستحيل فإدارة الفريق لم تكن تملك خزائن ذهب ولا عقود لاعبين محترفين بملايين الجنيهات لكنها كانت تملك ما هو أثمن خطة، وعزيمة، وانتماء صادق للمدينة والنادي والشعار….
🔹لم ينتظر السهم دعما من الخارج بل قرر أن يكون ظاهرة من الداخل و بدأ من القواعد فأسس لمشروع كروي لا يرتكز على النتيجة وحدها بل على بناء منظومة إدارة تدير لا تناور وجهاز فني يخطط لايجامل
ولاعبون يقاتلون لا يساومون…..
🔹عزيزي القارئ هذا الفريق الصاعد من الظلال إلى الضوء حمل على أكتافه طموح مدينة بأكملها وكتب رسالة بمداد من العزيمة مفادها (الممتاز ليس ناديا للأثرياء فقط بل هو ساحة لكل من يحترم اللعبة)….
🔹على الضفة الأخرى من الخارطة العربية وبلغة الأندية العريقة كتب الهلال السعودي فصلا جديدا في ملحمته الكروية بعد تأهله إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية هذا النادي الذي تجاوز كونه مجرد فريق ليصبح مؤسسة لم يتوقف عند حد الإنجازات المحلية والقارية بل اتجه بثقة نحو العالمية محققا بذلك نموذجا فريدا في التخطيط الرياضي طويل المدى….
🔹الهلال اليوم ليس فريقا يبحث عن المشاركة بل يضع نفسه طرفا أصيلا في المعادلة الدولية فاختار طريق التعب والعمل لا الارتجال فبدأ بمشروع بنيوي شامل من تعاقدات ذكية ومدروسة استثمارات فنية مستدامة وبيئة احترافية تحترم اللاعب كمشروع وليس كأداة و
جماهير واعية تمثل روح الفريق وصوته على الأرض..
🔹تأهل الهلال الأخير ليس وليد لحظة بل هو ثمرة سنوات من الاستثمار في القيم الكروية الحديثة حيث لا مكان للعشوائية ولا مجال للصدف….
🔹في الوقت الذي تنهار فيه أندية تملك كل شيء وتصعد أخرى لا تملك إلا الإيمان والإصرار يصبح من الضروري أن نتوقف ونسأل
ما الذي يصنع الفارق في كرة القدم؟ هل هو المال؟ الجمهور؟ الإعلام؟
ربما لكل ذلك دور لكن الحقيقة التي أثبتها السهم والهلال تقول (الفارق الحقيقي هو التخطيط والصدق مع النفس والإيمان العميق بأن النجاح مشروع لا يشترى بل يبنى)…
🔹السهم تجاوز قيود الإمكانيات والهلال تجاوز حدود الجغرافيا… كلاهما حمل فكرة وسقاها بالصبر وواجه تحديات جمة دون أن ينكسر وهذا ما يجعل من قصتيهما درسا رياضيا وأخلاقيا لكل الفرق العربية والأفريقية…..
🔹عندما نقول (الليلة كورة فنحن لا نقصد فقط مباراة تلعب في ملعب بل نقصد لحظة نضج… لحظة كشف للحقائق… لحظة اعتراف بأن كرة القدم ليست لعبة عشوائية بل علم وفكر وفلسفة وإدارة…
🔹الليلة كورة… فالسهم احتفل بصعوده التاريخي والهلال شق طريقه بثقة بين الكبار وغدا سيتأهل من يحترم نفسه ويعرف قيمة القميص الذي يرتديه..
🔹الليلة كورة… لكنها أيضا موعد مع العقل والضمير والخطة… موعد مع أولئك الذين فهموا أن المجد لا ينال بالتمني بل ينتزع بالعمل ومن (يرد المجد فعليه أن يخطط لا أن يحلم فقط)…..
🔹ختاما في زمن تختصر فيه الرياضة في صورة هدف أو هتاف تظل حكايات الفرق التي تخطط وتصبر وتكافح هي الحكايات التي تستحق أن تروى…وحين تكتب الأندية أسماءها بمداد الذهب على جدار الزمن فإن كرة القدم تعود لتكون ما كانت عليه دوما ملعبا للقيم قبل أن يكون ساحة للأهداف….
🔹الي نلتقي….
١يوليو ٢٠٢٥م