
في ظل وتيرة الحرب الدائرة الآن في السودان، ومع تفاقم الضغوط النفسية والاجتماعية والأسرية، ينجرف البعض نحو طرقٍ وهمية للهروب المؤقت من قسوة الواقع. ومن أخطر هذه الطرق: الإدمان وتعاطي المخدرات.
إنها ليست مجرد مواد كيميائية، بل أدوات تدمير بطيء، تُفضي إلى الانهيار الجسدي والنفسي والاجتماعي والأسري، بل وقد تقود إلى الموت المحتم.
فالمخدرات لا تسرق فقط صحة الإنسان، بل تسلبه عقله، وأسرته، ومستقبله، وكرامته، ومكانته في المجتمع.
🔍 أسباب الوقوع في الإدمان:
1. الضغوط النفسية والاجتماعية والأسرية: مثل الفقر، والبطالة، والتفكك الأسري، وكثرة الخلافات الزوجية، خاصة حينما تغيب مهارات إدارة هذه الخلافات، مما يدفع أحد الزوجين أو الأبناء نحو الإدمان كمهرب.
2. ضعف الوازع الديني والأخلاقي: حيث يصبح الإنسان بلا رادعٍ داخلي، مما يسهل انزلاقه نحو التجربة والانغماس فيها.
3. رفاق السوء: الصديق المنحرف أخطر من العدو الظاهر، لأنه يزين الباطل ويقود صاحبه للهلاك.
4. الفراغ: الوقت غير المُستثمر هو بوابة كل سلوك مدمر، والفراغ يفتح أبواب الشيطان والانحراف.
5. ضعف التوعية: غياب البرامج التثقيفية، وقلة القدوات الصالحة، يعمق الجهل بمخاطر المخدرات.
6. توافر المخدرات وضعف الرقابة: خصوصًا في مناطق النزاعات والفوضى الأمنية، كما هو الحال في السودان حاليًا، حيث قامت مليشيا الدعم السريع بجلب كميات ضخمة من المخدرات التي انتشرت بشكل غير مسبوق، وأصبحت تُستخدم كسلاح في ساحات القتال.
7. الفشل في مشاريع الحياة: كالإخفاق في التعليم أو ضياع فرص العمل أو انهيار الأحلام والطموحات، ما يجعل البعض يبحث عن الخلاص في الطريق الخطأ.
8. استهداف أبناء القادة والمميزين: يُصطادون بطرق ماكرة، لتدمير أسرهم وشغلهم عن النجاح والتقدم، في خطة ممنهجة لإفساد المجتمعات من داخلها.
⚠️ أخطار الإدمان والمخدرات:
الدمار الصحي: أمراض خطيرة تصيب الكبد، القلب، الدماغ، بالإضافة إلى اضطرابات نفسية عميقة.
تفكك أسري: يفقد المدمن احترامه وثقة أهله، ويُصبح سببًا في الطلاق والانهيار العائلي.
انحراف سلوكي: الإدمان يقود إلى الكذب، الغش، السرقة، والعنف، فالمُدمِن لا يتورع عن فعل أي شيء للحصول على المخدر.
انهيار اقتصادي: يُبدد أمواله وأموال أسرته، وقد يصل به الحال إلى بيع ممتلكاته لتوفير ثمن الجرعة.
نهاية مأساوية: كثير من المدمنين ينتهي بهم الطريق في السجون، أو المصحات، أو على أبواب الموت بالانتحار، ولقد مرت علي حالات كثيرة جدا في هذا الجانب.
✅ الحلول المقترحة:
1. تعزيز الوعي الديني والأخلاقي: التربية القويمة تبدأ من الوالدين، وهما الأساس في ترسيخ القيم وبناء الوازع الداخلي.
2. إطلاق حملات توعوية شاملة: من خلال الإعلام، والمدارس، والمساجد، والمراكز الثقافية، لتثقيف الشباب وتعزيز الوقاية المجتمعية، وخصوصا من مراكز محاربة الجريمة.
3. الرقابة الأسرية الإيجابية: عبر المتابعة اللطيفة، والحوار الصادق، والدعم العاطفي، وليس القمع أو التجسس.
4. الاحتواء والعلاج لا الإقصاء: فتح أبواب التأهيل والعلاج المتكامل، مع الجمع بين الدعم النفسي والطبي، والتغذية الروحية والإيمانية.
5. استثمار أوقات الشباب: بتوفير بيئة نشطة تدفعهم نحو الرياضة، التطوع المجتمعي وتنويع برامجه، التعليم المهني، وتنمية الذات.
6. تجريم المتاجرين بالمخدرات بلا تهاون: وتشديد الرقابة على المنافذ والمعابر والأسواق السوداء، وسن قوانين رداعة كالإعدام للمروجين.
7. اقترح إنشاء جمعيات ومؤسسات مجتمعية تعنى بالتوعية ومحاربة انتشار جريمة المخدرات.
📣 رسالة ختامية:
يا من لم تجرب المخدرات بعد… لا تجرّبها، فإنها قد تكون بداية النهاية.
ويا من وقعت في براثنها… لا تيأس، فباب التوبة لا يزال مفتوحًا، والعودة ممكنة بالإرادة والإيمان، وسبيل العلاج طبيا متاح وسهل.
فلنعمل جميعًا: أُسرًا، ومجتمعات، ومؤسسات، لحماية أبنائنا وبناتنا من هذا الدمار الصامت، الذي يُهدد حاضرنا ومستقبلنا.
✍️ ابو فاطمة عمار حسن