الخبير الاستراتيجي والأمني الأفريقي “إدريس آيات” : قطع السودان العلاقات مع الإمارات بداية لخارطة حلف سيادي وإنتهاء ما يُعرف بـ”التسامح الاستراتيجي”.

جيوسياسية: لا سفارة، ولا شعرة معاوية بعد اليوم: السودان تقطع العلاقات رسميًا مع الإمارات
– ضبط النفس انتهى: السودان يُعلن الإمارات دولة معتدية
في تطور غير مسبوق يعكس حجم الانفجار الدبلوماسي بين السودان والإمارات، قرر مجلس الأمن والدفاع السوداني إعلان الإمارات العربية المتحدة دولةً معتدية، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها بشكل كامل، بما يشمل إغلاق السفارة والقنصلية العامة. وأكد المجلس أن هذا القرار يتماشى مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تمنح الدول حق الدفاع المشروع عن النفس، وأن السودان يحتفظ بكافة الوسائل للرد على العدوان، دفاعًا عن سيادة البلاد، وحدة أراضيها، وحماية المدنيين، واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية.
هذه الخطوة جاءت إثر تصعيد ميداني بالغ الخطورة تمثّل في هجمات من قوات الدعم السريع بطائرات مسيّرة انتحارية على مستودعات الوقود، ميناء بورتسودان، مطار المدينة، أحد الفنادق، وقاعدة جوية عسكرية. وهي منشآت مدنية وعسكرية حيوية تقع في العاصمة الإدارية المؤقتة، ما يُعد، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، جريمة حرب متكاملة الأركان. الهجوم لم يكن عشوائيًا، بل استهدف شلّ حركة الحياة في شرق السودان، عبر ضرب الشريان الاقتصادي واللوجستي للدولة.
وبحسب مصادر عسكرية موثوقة، فإن الطائرات المسيّرة التي نُفّذت بها هذه الضربات، مصدرها الإمارات العربية المتحدة، التي تُعد الداعم الأبرز لقوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. وقد أثارت هذه الهجمات موجة غضب شعبي واسع في الشارع السوداني، الذي ظلّ منذ شهور يطالب الحكومة بقطع العلاقة مع أبوظبي، غير أن الخرطوم أظهرت ضبط نفس استثنائي رغبة في الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن الإقليمي. إلا أن هذه الحادثة الأخيرة بدت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ودفع القيادة السياسية إلى اتخاذ موقف حازم.
بوصفنا خبراء في الجغرافيا السياسية والعلاقات الخليجية–الأفريقية منذ قرابة عقدٍ، فإن هذا القرار يؤشر على نقلة نوعية في العقيدة الدبلوماسية السودانية، وخروج من دائرة التردد إلى موقع المبادرة. وهو أيضًا رسالة موجّهة إلى قوى إقليمية وغربية ظلت تتغاضى عن الدور الإماراتي الذي تصفه الخرطوم ب “التخريبي” في السودان، بأن الخرطوم لن تبقى رهينةً لصمت المجتمع الدولي، وأنها ستعيد تشكيل خارطة تحالفاتها وفقًا لمصالحها السيادية.
إنّ هذا القرار – في تقديري الخاص؛ لا يعني فقط طيّ صفحة سياسية، بل هو إعلان صريح بانتهاء ما كان يُعرف بـ”التسامح الاستراتيجي” مع دولة أصبحت رأس حربة في مشروع تفكيك السودان، ونقل الفوضى من الهامش إلى المركز. وفي ظل هذا التصعيد، يبدو أن السودان يدشن مرحلة جديدة، عنوانها ردع العدوان، واستعادة الكرامة الوطنية، ولو تطلب ذلك مواجهة جيوسياسية مع من اعتادوا إدارة الحروب بالوكالة في أرضٍ ليست أرضهم، ودمٍ ليس دمهم!.
مرةً أخرى، ومن جديد كامل دعمنا للسودان ووحدة ترابه!