
العودة إلى الديار حين تصبح الحياة منعدمة المقومات
مصطفى علي أبوزيد
كيف السبيل إلى العودة، وأبسط مقومات الحياة غائبة؟
كيف نعود إلى بيوت هُدمت، ومنازل سُرقت، وشوارع خلت من الحياة؟
لا ماء، لا كهرباء، لا مراكز صحية، لا خدمات أساسية… فقط ركام وذكريات.
لكن رغم كل هذا، يبقى الحنين أقوى، وتظل الأرض أصدق منفى يحتوينا.
لقد طال أمد النزوح، وبدأت المدن المحررة تستعيد أنفاسها، لكن العودة لم تعد قرارًا بسيطًا، بل صارت تحديًا معقّدًا، يبدأ من غياب البنى التحتية، ولا ينتهي عند الخوف من القصف والغدر.
في منطقة تفتقد لأدنى مقومات الحياة، يصبح مجرد التفكير في العودة مخاطرة… لكنه أيضاً أمل.
أمل لا تصنعه الحكومات، بل تبنيه إرادة الشعوب.
ولذلك، فإن السبيل إلى العودة لا يبدأ من الكهرباء أو الماء… بل من التنظيم الذاتي.
من تشكيل لجان شعبية، وإحصاء الاحتياجات، وتحديد الأولويات.
من مخاطبة الجهات الرسمية، وطرق أبواب المنظمات.
من التوثيق والمناصرة، ومن تحويل المعاناة إلى صوت مسموع.
يجب أن نقول للعالم:
نحن لا نطلب رفاهية… نطلب فقط أن نعيش بكرامة في أرضنا.
نطلب أن تعود الحياة، لا أكثر.
وعلينا، كناشطين ومواطنين وغيورين على أوطاننا، أن نحشد الطاقات، ونسخر الإعلام، ونعيد تعريف العودة:
ليست رجوعًا جسديًا فقط، بل نهوضًا جماعيًا يبدأ من العدم.
العودة ممكنة، وإن بدت مستحيلة.
وإن كانت الحياة منعدمة الآن… فهي قابلة للزرع، إن وُجد من يرويها بالإصرار.