
وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴾ [الصافات: 24]
هي لحظة صدق أمام الله وأمام هذا الوطن الجريح .
في قلب الخراب ، وعلى أنقاض ما تبقى من مؤسسات الدولة ، يقف السودان أمام مفترق طرق حاسم … فإما أن نُحسن الاختيار ، أو نستمر في الدوران داخل دوامة الفشل .
الشعب السوداني اليوم لا ينتظر تسوية جديدة ، ولا صفقة جديدة ، بل ينتظر حكومة جديدة من طراز مختلف : حكومة تعرف معنى الكفاءة ، وتحمل مشروعًا وطنيًا ، لا أجندة سياسية .
لقد تعب الناس من الوعود ، ومن التجريب ، ومن الحكومات التي تعيد إنتاج الأزمة بدلاً من حلها .
كفى محاصصات … كفى تدويرًا للوجوه … كفى إدارة البلاد بمنطق الولاءات !
ما نحتاجه اليوم ليس وزيرًا يُرضي جهة ، بل وزيرًا يُنقذ قطاعًا .
ما نحتاجه ليس توازنات هشة ، بل إرادة صلبة تبني وتُصلح .
نحن بحاجة إلى رجال دولة ، لا رجال شعارات .
نعم ، التكنوقراط أو الضياع .
فإما أن يقود المرحلة القادمة فريقٌ من الكفاءات الوطنية المستقلة ، المؤهلة علميًا وعمليًا ، القادرة على اتخاذ القرار ، والمحصنة من الضغوط السياسية … أو نعود إلى ذات الحلقة المفرغة التي أهدرت طاقات البلاد وأحبطت شعبها .
لا نحتاج اليوم لوزراء يجيدون الخطب ، بل من يُجيد التخطيط والتنفيذ والمحاسبة .
السودان اليوم لا يحتمل المزيد من التجريب .
لا يحتمل المزيد من المجاملات .
ولا يحتمل أن تكون المرحلة المقبلة مجرد استراحة محارب في معركة محاصصات بلا نهاية .
التكنوقراط هم الأمل الأخير .
هم الذين يمكنهم إعادة تشغيل ما تعطّل من مرافق ، وترميم ما تهدّم من ثقة ، وفتح نوافذ جديدة أمام الوطن المثقل بالجراح .
﴿ وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴾
والمسؤولية اليوم ليست عن الماضي فقط … بل عن المستقبل .
فلنمنح الوطن حكومة تُشبهه :
بسيطة في مظهرها ، عظيمة في مهامها .
صادقة مع الناس ، لا متورطة في دوائر النفوذ .
قائمة على المهنية ، لا على الترضيات .
إننا أمام لحظة لا تحتمل التأجيل .
لحظة تحتاج إلى قرار وطني جريء :
تكنوقراط … أو لا وطن !