مقالات

الفاشر… مأساة بلا نهاية ✒️ رحمة عبد المنعم

متابعات السودان اليوم الاخبارية

تغرق مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أزمة إنسانية خانقة، حيث يطبق عليها الحصار من قبل مليشيا الدعم السريع، مغلقةً الطرق المؤدية إليها، ومعزولةً عن أي شريان للإمداد الغذائي أو الطبي. ومع استمرار انقطاع المساعدات وتعذر وصول الإمدادات، تتصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين.

تفشي الكوليرا

أعلنت شبكة أطباء السودان عن ارتفاع عدد الإصابات بوباء الكوليرا في منطقة طويلة بولاية شمال دارفور إلى أكثر من 2,500 حالة، بينها 103 حالات وفاة، معظمهم من الأطفال والنساء. وأشارت الشبكة إلى أن ولايات إقليم دارفور مجتمعة تسجل أكثر من 6,000 إصابة مؤكدة بالوباء، وسط تزايد مستمر في الأعداد، ما ينذر بانهيار كامل للوضع الصحي.

وأكدت الشبكة أن الحصار المفروض على الفاشر، ونقص الأدوية، وتشريد الكوادر الطبية، كان السبب الأبرز وراء تفشي الوباء، إلى جانب توقف الإمدادات الطبية والبرامج الصحية الأساسية. كما تحدثت عن حوادث قتل واعتداءات واختطاف استهدفت أطباء وعاملين صحيين، وصل بعضها إلى فرض فدية مالية مقابل إطلاق سراح المختطفين، محمّلة قوات الدعم السريع المسؤولية.

الأزمة الغذائية

الأزمة الصحية ليست سوى وجه واحد من المأساة؛ فالمجاعة تلوح في الأفق مع توقف عدد من المطابخ الجماعية (المعروفة محليًا بـ”التكايا”) عن العمل وجمع التبرعات، بعد عجزها عن توفير السلع الغذائية.

وأوضحت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، في تعميم صحفي، أن المدينة باتت على بعد أيام من نفاد ما تبقى من السلع الأساسية، حيث لم يعد أمام السكان سوى الاعتماد على علف الحيوانات المعروف بـ”الأمياز”، إضافة إلى الدخن والخراف كمصادر محدودة للطعام.

حتى هذه البدائل باتت مهددة، بعد أن قفز سعر جوال الدخن إلى نحو 11 مليون جنيه سوداني، فيما وصل سعر جوال الدقيق إلى أكثر من 11 مليون جنيه (ما يعادل 3,700 دولار أمريكي)، في انعكاس مباشر للانهيار الاقتصادي الذي يضرب المدينة.

معسكر أبو شوك… صورة مكبرة للمأساة

في قلب هذه الكارثة، يقف معسكر أبو شوك للنازحين شاهداً على حجم المعاناة. فقد كشفت غرفة الطوارئ في المعسكر عن وفاة 60 شخصًا، معظمهم من الأطفال وكبار السن، بسبب الجوع وسوء التغذية خلال أسابيع قليلة.

وقال محمد آدم، مسؤول الإعلام بالمعسكر، إن معدل الوفيات ارتفع بشكل غير مسبوق؛ فبعد أن كان يسجل أربع حالات وفاة أسبوعيًا في الشهر الماضي، تضاعفت الأعداد مع توقف الإمدادات الغذائية والرعاية الصحية.

انهيار تام ومطالب عاجلة

الوضع في الفاشر تجاوز مرحلة التحذير ودخل دائرة الخطر الداهم، حيث تسير المجاعة والكوليرا جنبًا إلى جنب، وسط حصار خانق وانهيار اقتصادي وصحي شامل.

تتصاعد المطالبات العاجلة للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بضرورة التدخل الفوري وفتح الممرات الإنسانية قبل وقوع الكارثة على نطاق أوسع، وإنقاذ ما تبقى من الأرواح في هذه المدينة المنكوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى