
ظلت علاقات السودان تاريخيًا بدول المغرب العربي علاقات هامشية، لأسباب بعضها موضوعي وآخر جيواستراتيجي.
ورغم أهمية دول المغرب العربي وتأثيرها الكبير على أوروبا وأفريقيا، ظل السودان يضع في أولوياته الخارجية مصر ودول الخليج، ثم محيطه الأفريقي، وبالطبع علاقاته ببريطانيا والولايات المتحدة.
وفي حقبة الإنقاذ، كان التوجه نحو روسيا والصين والهند وماليزيا، بينما ظل المغرب العربي في الهامش.
تُمثّل الجزائر فيه ثقلًا اقتصاديًا مهمًا، فهي دولة منتجة للفحم الحجري والغاز.
أما المملكة المغربية فتمثل ثقلًا سياسيًا له أهمية كبيرة في أفريقيا، كما أن العائلة الملكية فيها تُعد امتدادًا للعائلات الحاكمة في الأردن والمملكة العربية السعودية، وجميعهم ينتسبون – بحق – إلى الأشراف، في مقابل بعض المزيفين أو أدعياء الانتساب للبيت النبوي من غير دليل أو شاهد على ما يقولون.
وتمثل المملكة المغربية أيضًا ثقلًا ثقافيًا موصولًا بالحضارة الإسبانية بحكم الجوار الجغرافي، ومرتبطًا بالحضارة الفرانكفونية من حيث الثقافة واللغة التي تسود الأوساط الثقافية.
في المغرب، تُعد اللغة العربية اللغة الثانية في البلاد، خاصة وسط الطبقات العليا والنخب، خلافًا للطبقات الدنيا التي تتأثر بأوضاع اقتصادية مختلفة.
أما الوجود السوداني في المغرب، من حيث عدد الجالية، فيُعتبر من أقل الجاليات الأفريقية والعربية، رغم أن الحرب الحالية لفظت عددًا ليس بالقليل إلى مدن مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة، وهي تمثل الواجهة السياحية والثقافية لبلد أنجب من رواد الفكر والأدب ما أنجب.
لكن المساهمة والعائد الثقافي للمغرب أكثر عمقًا وثراءً من بقية بلدان العالم المغاربي.
ومن المفارقات الكبيرة أن تكون جالية جنوب السودان من حيث العدد أكبر من الجالية السودانية.
كما لم تهتم الحكومات السودانية المتعاقبة بالاستفادة من تجربة المغرب والجزائر في زراعة الجبال، عبر محابس المياه القليلة التي تتساقط على المغرب، بينما نجح العقل المغربي في الاستفادة من كل قطرة ماء، في حين تُهدر في السودان كميات كبيرة من المياه في فصل الخريف.
ويُعد السودان نسيج وحده في الشكوى من كثرة الأمطار في فصل الخريف وشح المياه في فصل الصيف، بينما نجحت دولة مثل المغرب في زراعة الأحواض، بل صدّرت تجربتها لدول أخرى في غرب أفريقيا مثل مالي والسنغال وموريتانيا.
في هذه الأيام تحتفي المغرب بالمثقفين والأدباء، في الوقت الذي تسارع فيه الخطى وتنفق أموالًا ضخمة لتنظيم بطولة الأمم الأفريقية القادمة.
ويتطلع المغاربة للعودة إلى منصات التتويج الأفريقية بالفوز بالبطولة قبل كأس العالم في العام القادم.
وقد استفادت المغرب إيجابيًا من أجيال مغربية وُلدت في أوروبا، وتكوّنت في المدارس الكروية الأوروبية، ونشأت في أندية أوروبية كبيرة، مما جعل المنتخب المغربي يبدو وكأنه نسخة أخرى من منتخبات إسبانيا والبرتغال، وليس فرنسا التي يمثل الأفارقة السود نصف منتخبها، وربعه من المغاربة والجزائريين والتونسيين، مع استثناءات مثل حالة موريتانيا.
أما سياسيًا، فالمغرب من الدول التي أغلقت أبوابها في وجه الميليشيات، وتاريخيًا لم تحتضن أي معارضة سياسية أو مسلحة، على خلاف بلدان عربية أخرى.