
🔹في عالم تحكمه المصالح وتخبو فيه شعارات الأخوة والجوار لا شيء يبقى كما هو فتنقلب التحالفات وتنكشف النوايا وتسقط الأقنعة…..وفي السادس من مايو 2025م كتب السودان سطرا مختلفا في سجل علاقاته الخارجية فأعلن دولة الإمارات العربية المتحدة دولة عدوان وقطع العلاقات الدبلوماسية معها وسحب السفارة والقنصلية واضعا بذلك نهاية صاخبة لعلاقة كانت تدار طويلا من خلف ستار المجاملات والمناورات…..
🔹عزيزي القارئ البيان الصادر عن مجلس الأمن والدفاع لم يكن مجرد بيان سياسي فلقد كان لحظة انكشاف كامل لحظة قرر فيها السودان أن يسمي الأشياء بمسمياتها وأن يخلع عن اللغة الرسمية نعومتها ويتحدث بلغة السيادة المجروحة والكرامة الوطنية المستباحة و
لقد حمل البيان نبرة تتجاوز الدبلوماسية وتذهب رأسا إلى ما وراء السطور فالإمارات لم تعد شريكا سياسيا ولا جارا شقيقا بل أصبحت وفقا لما رصده السودان ميدانيا طرفا معاديا متورطا في تمويل وتسليح ميليشيا متمردة تشن حربا شاملة على الدولة والشعب…..
🔹احبتي وفقا لما جاء في البيان فإن أبوظبي أمدت قوات الدعم السريع المتمردة بأسلحة متطورة استخدمت في قصف منشآت حيوية من بينها مطار وميناء بورتسودان و مستودعات النفط والغاز و محطات الكهرباء وحتى الفنادق المدنية التي لجأ إليها الآلاف من النازحين هذه ليست مساهمة في النزاع بل مشاركة في الجريمة ومساس مباشر بأمن الملايين وبنية الدولة..
🔹هنا لم يعد بالإمكان التزام الصمت ولم تعد حسابات المصالح تسمح بتمرير كل شيء تحت غطاء “التعاون الاقتصادي” أو “التنسيق الأمني” و لم يعد بالإمكان التفرج على وطن يذبح ببطء بأيد كانت تصافح قبل أشهر في مؤتمرات دعم الانتقال والديمقراطية ولقد بلغ الأمر حد تهديد أمن البحر الأحمر نفسه وتحويل السودان إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية…..
🔹لذلك جاء الرد بحجم الحدث قرار سيادي شجاع بقطع العلاقة مع أبوظبي وتأكيد حق السودان في الرد بجميع الوسائل استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدةوالمقصود هنا ليس فقط الرد العسكري بل الرد السياسي والإعلامي والدبلوماسي وحتى القانوني ،إنها لحظة انتقال السودان من موقع الدفاع إلى الهجوم ومن موضع الاتهام غير المعلن إلى التسمية الصريحة…..
🔹الأهم من ذلك أن البيان لم يكتف بإعلان القطيعة بل وجه تحية خاصة لصمود الشعب السوداني وذكر بأن المعركة ليست فقط عسكرية بل وجودية معركة كرامة وسيادة وهوية…..
🔹عزيزي القارئ السودان اليوم لا يفاوض على وجوده ولا يساوم على دمه ولا يقايض كرامته بمساعدات مشروطة ولا بوعود تحالفات خادعة
السودان اليوم و دولة محاصرة وجريحة لكنها واعية تماما بما يخطط لها وما ينفذ على أرضها و
الخرطوم قد تكون غائبة عن المشهد السياسي مؤقتا لكن القرار يصدر الآن من بورتسودان بلغة لا تخطئها العين نحن نعلم من يمول ومن يسلح ومن يخطط ومن يتظاهر بالحياد وهو يدير الحرب من الكواليس..
🔹هنا لن تكون الإمارات وحدها في مواجهة الحقيقة فهذا الإعلان قد يشكل سابقة في التعامل مع التدخلات الإقليمية في السودان وقد يفتح الباب لتوسيع نطاق المواجهة الدبلوماسية إلى دول أخرى متورطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذه الحرب القذرة…..
🔹إذا كانت الإمارات قد أرادت أن تلعب دور “صانع الملوك” في السودان وأن تعيد تشكيل خريطته عبر أدوات محلية.فإنها الآن تواجه واحدة من أقسى نتائج التورط السياسي في بلد يعرف كيف يصبر… لكنه لا ينسى….
🔹إن قطع العلاقات مع الإمارات لم يكن قرارا عاطفيا ولا نزوة طارئة بل جاء بعد تراكم طويل من الوقائع والتقارير والمؤشرات والسودان الذي أدرك أن أمنه الوطني أصبح في مهب سياسات الخارج قرر أخيرا أن يغلق الباب وأن يرفع الصوت.وأن يعلن للعالم: كفى…..
🔹ختاما هذه ليست مجرد أزمة دبلوماسية بل زلزال إقليمي يعيد ترتيب الأوراق ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم فإما أن يحترم السودان دولة وحدودا ودماء أو أن يكتب تاريخه الجديد بيده كما يفعل الآن من فوق أنقاض مدنه المنكوبة بصوت شعبه الصامد وببيان دولة قررت ألا تهزم ولو اجتمع عليها الشرق والغرب….
🔹ما بعد السادس من مايو ليس كما قبله أبدا…..
🔹الي ان نلتقي…..
٧ مايو ٢٠٢٥م