مقالات

عباس حمدون ✒️ “الوثيقة الدستورية النافذة.. ما بين جدلية التطبيق ومستقبل الراهن السياسي في البلاد (بعيون قانونية)”

تابعنا على واتساب
إعلان

 

منذ صدور الدستور الانتقالي لسنة ٢٠٠٥ في السودان، وهو القانون الأعلى الذي يحدد شكل الدولة، واجه صعوبات في كيفية تطبيق نصوصه بشكل صحيح. كما تأثر هذا الدستور بالتغيرات السياسية في السودان. وعند أي خلل في الحكم، قد يخضع الدستور للتعديل لتحقيق التوازن السياسي بين الأطراف المشاركة.

إعلان

مر الدستور بمراحل حتى حدث التغيير السياسي في البلاد. في عام ٢٠١٩، صدرت الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة ٢٠١٩، وأُلغي دستور٢٠٠٥ . لم تشهد البلاد استقرارًا سياسيًا، حتى عام ٢٠٢٠، حيث انضمت أطراف جديدة للعملية السياسية (اتفاقية جوبا)، وتم تعديل الوثيقة الدستورية لسنة ٢٠١٩.

في ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وهي أكبر كارثة سياسية وإنسانية في السودان عندما اندلعت الحرب، أصبحت الوثيقة الدستورية المعدلة لسنة ٢٠٢٠ في طي النسيان بسبب انشغال معظم السياسيين والقانونيين بالحرب.إلى أن ظهرت الوثيقة الدستورية الجديدة، التي أصبحت نافذة في ٢٣ فبراير ٢٠٢٥ (الوثيقة الدستورية تعديل٢٠٢٥ ).

“أهم ما جاء في نصوص الوثيقة الدستورية الجديدة”:

1. موقف الحرب حسب الوثيقة:
نصت المادة ٨، البند ١٦ على (العمل على إنهاء الحرب وتقديم كل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوداني إلى العدالة وفقًا للقانون). هذا يعني أن الدستور، وهو الوثيقة نفسها، ينص على إيقاف الحرب. إيقاف الحرب، من وجهة نظر السياسيين، لا يعني بالضرورة التفاوض. أغلب السودانيين يهمهم فقط أن تتوقف الحرب، بعيدًا عن صراعات السلطة. هذه هي المشكلة بين ما هو مكتوب وما يتم تطبيقه على أرض الواقع.

2. من هم أطراف العملية السلمية حسب الوثيقة؟
نصت المادة ١٥، الفقرة ١ على (…عدا وزراء أطراف العملية السلمية الذين يتم ترشيحهم بواسطة أطراف العملية السلمية…). على الرغم من كثرة الأطراف السياسية في السودان، النص يشير إلى أطراف اتفاقية جوبا وكل من ينضم إلى الوطن خلال هذه الحرب. هذا يعني أن الوثيقة الدستورية الجديدة قد تُعدل مرة أخرى، مما قد يؤثر على الفترة الانتقالية المحددة.

٣_مدة الفترة الانتقالية المنصوص في الوثيقة مدة مرنة تتأثر وجودا وعدما بالمناخ السياسي المتغير في البلاد:-
نصت المادة ٧ (تمدد الفترة الانتقالية لمدة لا تجاوز ٣٩ شهرا تسري من تاريخ نشر هذه الوثيقة في الجريدة الرسمية ما لم يتم التوصل إلى توافق وطني أو قيام الانتخابات العامة) وهذا يعني بأن المدة بدأت منذ نشر الوثيقة الدستورية في الجريدة الرسمية بتاريخ ٢٠٢٥/٢/٢٣ أي مضى ثلاثة أشهر وتبقي ٣٦ شهرا من جملة ٣٩ شهرا، وهذه المدة طويلة جدا طالما الغرض الجوهري لأي فترة انتقالية هي تجهيز البلاد للمرحلة الانتخابية.ورغم ذلك هذا النص تقع تحت رهينة المتغيرات السياسية ويمكن أن تستمر لأكثر من ٥ سنوات كما حدثت في الوثيقة الدستورية لسنة ٢٠١٩ وكانت وقتها أيضا المدة ٣٩ شهرا يعني مضى ستة سنوات ولم تنتهي بعد(ربما رفعت منها قلم التقدم في العمر).

إعلان

٤_نص قانوني غامض يصعب معرفة جوهر مقصد النص والتفسير:-
نصت المادة ١٥ الفقرة ٤ (يجوز لمجلس السيادة ولأمر عاجل اصدار مرسوم مؤقت تكون له قوة القانون النافذ،ومع ذلك يجب عرض المرسوم المؤقت على السلطة التشريعية الانتقالية فور انعقادها فإذا اجازته بذات أحكامه يصبح قانونا نافذا وإذا لم تجزه يلغى دون أي أثر رجعي) هذا النص يفتح باب واسع النطاق لتداخل السلطات وتعطيل استقلالية السلطة التشريعية في الفترة التي تسبق تكوين المجلس التشريعي ..والسؤال متى وكيف يتم تكوين المجلس التشريعي؟

أخيرا…نأمل أن تكون هذه الوثيقة الدستورية النافذة آخر الوثائق في بريد المعارك السياسية والقانونية وأن تتجه السودان إلى استقرار سياسي وبناء دستور دائم يريح البلاد والعباد.

عباس حمدون
محامي وناشط حقوقي

تابعنا على واتساب
إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى